Association Internationale pour la Sauvegarde de Tyr | Fondation Tyr
الأبجدية الفينيقية

اختراع الأبجدية من أعظم ما قدمته الحضارة الفينيقية للبشرية. ابتكرت هذه الكتابة عام 1100 ق.م و قد تألفت من 22 حرفا.  يمثل كل واحد منها صوت معين. سميت أيضا بأبجدية جبيل. استعان الفينيقيون بالكتابة السومرية و المصرية القديمة ثم طوروها مع مرور الزمن. في البداية، كانت تكتب هذه الحروف على ألواح من الطين أو الفخار ثم فيما بعد، كتبت على أوراق البردى المصرية. لقد كتب الفينيقيون هذه الحروف من اليمين إلى الشمال (مثل العربية) و نشروها في جميع بلاد العالم شرقا و غربا؛ ساهم في نشرها قدموس الصوري. أكسب اختراع الأبجدية فينيقيا مكانا هاما في تاريخ الحضارة.

إن من أمجاد البلاد الفينيقية عطاء الأبجدية للعالم. وإذا كنا لا نعرف في أية مدينة من الساحل الكنعاني ولدت هذه الأبجدية فإننا نعرف أنه في جبيل حوالي القرن الحادي عشر قبل الميلاد ثم أخذت شكلها النهائي. وإن بحارة صور وتجارها قد نشروه في القرون التالية في حوض البحر الأبيض المتوسط كله. وإن أسطورة قدموس بن أجينور ملك صور تعكس هذه الحقيقة الاريخية وكذلك حقيقة تأسيس قرطاج حوالي 814 من قبل الأميرة الصورية إليسا التي يظهر أنها كانت شخصية حقيقية. ثم إن قرطاج هي التي تركت لنا القسم الأعظم من الكتابات الفينيقية المعروفة المسماة "بونيقية"وهي ماخوذة من "بونيوس" اللاتينية وتعني القرطاجية وتلك صورة أخرى من كلمة "فينيقي". وهذه الكتابات تعد بالآلاف وهي أكثر ما يكون تقدمات "للسيدة أي تانيت، وجه بعل، والى السيد ، أي بعل حمّون" وهما الربان الكبيران في قرطاجة المنحدران من أصل فينيقي. وأكثر هذه الكتابات مؤرخة في القرنين اللذين سبقا تهديم قرطاجة على يد القائد الروماني سيبيون أميليان عام 126 ق.م ولكن في شمال أفريقيا ظلت البونيقية محكية حتى نهاية الإمبراطورية الرومانية.

وفي مواقع أخرى من البحر المتوسط نجد بعض النصوص الثمينة من القرن التاسع ق.م منها نصب نورا في رأس سردينيا الجنوبي الذي وردت فيه الصيغة المألوفة: الراحة لصور أم كينيون! وفي كينيون بالذات (قبرص) نجد على قصعة كتابة تذكر تقدمة شعر مقصوص للربة عشتروت.

أما في بلاد الفينيقيين نفسها فالكتابات نادرة وأكثرها من جبيل ومنها النص الذي نقش على تابوت الملك أحيرام (حوالي 1000ق.م) وكذلك من صور حيث عثر على الكتابة الطويلة على تابوت الملك أشمون آزر(القرن الخامس ق.م) ولكن صور لم تجد علينا بأي نص.

ولم يصلنا شيء من الأعمال الأدبية المكتوبة بالفينيقية. وكانت على ورق البردى دون شك. والبردى لا يقاوم الرطوبة. وفي القرن الثاني الميلاد نقل فيلون الجبيلي الى اليونانية تاريخاً فينيقياً كتبه شخص يسمى سانكو نياتون قد يكون استقاه من التقاويم القديمة الموجودة في المعابد.وإن القصائد الدينية المكتشفة في أوغاريت والعائدة للقرن الرابع عشر قبل الميلاد تؤكد جزئياً المعطيات التي نقلها لنا فيلون الجبيلي. والأوغاريتية الكنعانية قريبة جداً من الفينيقية وقد تبنى العبرانيون أيضاً اللغة الكنعانية، والفينيقية فرع منها. والتعابير الكنعانية التي نجدها في الرسائل المكتوبة بالأكادية – البابلية والمرسلة من ملوك سورية وفينيقيا وفلسطين الى أمنحوتب الثالث وأمنحوتب الرابع ( القرن الرابع عشر) تعطينا فكرة عن اللغة السالفة للفينيقية ثم إن الرقم المكتشفة في إيلا جنوب حلب والتي تعود لألف عام قبل ذلك تمكننا من الرجوع الى أصول مختلف اللهجات المسماة بالغربية في مقابل الأكادية ويبدو أن الخلاف بينهما هو أقل مما كان يعتقد قبل هذا الإكتشاف الجديد.

صور ونشر الأبجدية

الأب ح. ستاركي

 

كتب المؤرخ الإغريقي هيرودوت من القرن الخامس قبل الميلاد: "أن الفينيقيين القادمين مع قدموس (إبن آجينور ملك صور)...جلبوا الى الإغريق معارف كثيرة ومنها الحروف التي لم يكونوا يعرفونها. وكان القدموسيون يستعملونها بادىء الأمر بشكلها الفينيقي المألوف. ومع الوقت أدخلوا عليها بعض التغييرات كما غيروا أيضا في لسانهم. وآنئذ كان أكثر الإغريق الذين يحيطون بهم من الأيونيين فتعلموا من الفينيقيين الحروف واستعملوها محرفة نوعاً ما ولكنهم يعترفون بأصلها إذ يسمونها "فينيقية". والأمر نفسه في استمرارهم استعمال كلمة "جلود" للدلال على كتب البردى لأنهم فيما مضى كانوا يستخدمون جلود الماعز أو الغنم للكتابة بسبب عدم وجود البردى" (تاريخ هيرودوت، الجزء الخامس، ف 58)

وفي هذا النص الذي جاءنا من هيرودوت نجد الكلمة الدالة على "البردى" و"كتاب البردى" هي "بيبلوس" وفي بيبلوس (جبيل) تكاملت الأبجدية في القرن الحادي عشر واقتبسها اليونان بعد قرنين من ذلك. ونظرا لتماثل الكلمتين لا يبعد الإعتقاد أن استعمال وتجارة البردى المصري في جبيل جعل ورق البردى يسمى بيبلوس كما هي الحال بكلمة "بارشمان" (برغاميني باليونانية) هو من أسماء مدينة برغام.

ولكن نص هيرودوت يؤكد أن من صور انتقلت الأبجدية الى الإغريق. والأمر يدور حول أسطورة قدموس التي نجدها في القرن الثالث الميلادي على نقد من عهد الإمبراطور غاليان وعلى ظهرها صورة بطل يقدم لفافة من البردى الى ثلاثة من الإغريق. وفي الحقيقة كان الصوريون بفضل أسطولهم موجودين في كل أرجاء البحر المتوسط. وثمة كتابة فينيقية من قبرص تذكر الملك حيرام ( وتحقق أنه ملك صور نفسه) قد دفع جزية حوالي 740 الى تغلات فلاصر ملك الآشوريين. والكتابة قريبة جداً من أقدم الكتابات الإغريقية المعروفة. ومن التعديلات التي أدخلها الإغريق على الكتابة الفينيقية نذكر إدخال الحروف الصوتية والمحور العمودي المعطى للحروف. وحوالي 800 ق.م ظهرت الأبجدية لدى الابتروسكين الذين نقلوها بدورهم الى اللاتين، وبشكلها هذا أصبحت الأبجدية الفينيقية أداة الثقافة العالمية ولكن هذا الأمر يجب أن لا ينسينا أهمية الكتابات المولدة عنها كالكتابة العربية والكتابة التي وضعها كيريللوس للبلاد السلافية.

الأبجدية الفينيقية

Tomb of King Ahiram Sarophagus, about 1000 BC
Has the oldest evidence of the Phoenician alphabet discovered to date.

الأبجدية الفينيقية

Ancient Egyptian Scripts, A: Hieroglyphs - B: Hieratic
Examples of hieroglyphic, hieratic, and demotic writing.

الأبجدية الفينيقية

Cuneiform
Examples of cuneiform Sumerian-Acadian system.