د. مهـا الخليـل الشـلبي
ترتقي أصول د. مها الخليل الشلبي إلى مدينة صور، حيث ترعرعت بين معالمها التاريخية التي تحتضن ثماني حضارات تعاقبت سحابةً آلاف السنين
منذ 45 عاماً، والدكتورة مها الخليل الشلبي لم تبخل بالعطاءات من أجل لبنان والدفاع عن تراثه وثرواته وتعزيز رسالته الحضارية في الثقافة والسلام عند المحافل الدولية وذلك بتعاون وطيد متواصل مع منظمة الأونيسكو.
مجازةً في العلوم الاجتماعية من كليّة الطب الفرنسيّة في بيروت، وفي العلوم السياسيّة من كليّة الحقوق في جامعة القديس يوسف. انخرطت لفترة طويلة في نشاطات صحيّة – اجتماعية. شاركت في تأسيس أول مركز صحي في صور ، وكانت عضو مؤسس لجمعية إنعاش المخيمات الفلسطينية، عضو ناشط في المجلس التنفيذي لجمعية الأم والطفل، عضو مؤسس في جمعية نساء جبل عامل الجنوبية وعضو المجلس التنفيذي للصليب الأحمر اللبناني.
أسست في العام 1972 "مهرجانات صور الدولية" لتوظيف الإرث الحضاري في مشروع إنماء السياحة الثقافية، وأحيت سباق العربات الرومانية في مدرج صور، حيث كانت الفروسية العامود الفقري للمهرجانات.
ومع اندلاع الحرب في لبنان العام 1975، توقّف المهرجان، وتحوّلت أرض المدينة ةآثارها إلى مسرح للعنف والدمار.
إزاء الأخطار المحدقة باليشر وبلمعالم الأركيولوجية، قامت د. الشلبي بمبادرة شخصية لدى المنظمات الدولية وفي مقدمها الأمم المتحدة و"الأونيسكو" وجامعة الدول العربية، والبرلمان الأوروبي، ومجلس اللوردات البريطاني، ونتيجة إصرارها، صوتت جميع هذه الهيئات على قرارات اعتُبرت صور تراث عالمي مهدد بالخطر، يتعيّن حمايته والمحافظة عليه.
وفي 5 أيار 1980، واستناداً إلى هذه القرارات الصادرة من أعلى المراجع الدوليّة، أسست مها الشلبي في منظمة "الأونيسكو" في باريس "الجمعية الدوليّة للمحافظة على صور"، التي أصبحت منظمة دولية غير حكومية ذات صفة استشارية لدى الأونيسكو، تضم 13 لجنة وطنية في أكبر العواصم. ونجحت في استقطاب المهتمين بالتاريخ فضمت شخصيّات عالمية ثقافيّة وعلميّة وسياسيّة من دول مختلفة. وفي 27 أيار 1980، اعترف المجلس التنفيذي "للأونيسكو" بضرورة الحفاظ على كل معالم صور القديمة ومحيطها الأركيولوجي.
وفي 16 تشرين الأول 2015 صوت المجلس التنفيذي للأونيسكو بالإجماع على قرار اعتبر الرابطة مشروعاً ذا أهمية فوضعها تحت لوائه.
والجدير بالذكر أن للرابطة خطة عمل خاصة لتنمية اطر التعاون بين المدن تقوم على أربعة محاور هي:
الثقافة والتربية، السياحة الثقافية، تنمية الحرف التقليدية وحماية البيئة البحرية. ومنذ تأسيسها تنظم الرابطة سنويًا ندوة (Forum) في مدينة من المدن الأعضاء،
في 2 نيسان 2014، إفتتحت في بيروت د. الشلبي مركز الأبحاث والدراسات حول الحضارات الكنعانية، الفينيقية والبونية، من بين أنشطتها: مكتبة متخصصة ومتحف افتراضي ثلاثي الأبعاد يعرض صور ثلاثية الأبعاد للحضارة الكنعانية، الفينيقية والبونية بمظاهرها المختلفة، العمرانية، الفنية، الحرفية الدينية والتاريخية.
في عام 2014 ، أنشأت جائزة إليسا / ديدون من أجل تحفيز دور المرأة في بلدان حوض البحر الأبيض المتوسّط وتعزيز المساواة وتكافؤ الفرص. تعطى هذه الجائزة كلّ عام لتكريم سيدتين من المميّزات واحدة من شمال حوض المتوسّط وأخرى من جنوبه فتقرّب هكذا بين ضفّتيه.
وفي 3 حزيران 2015 حصلت الدكتورة الشلبي على حق الاحتفال بيوم كامل مخصّص لصور وتراثها في قاعات مكتبة الكونغرس الأميركي في واشنطن. وها هي تحمل مدينة صور وتراثها العريق إلى أعلى منابر الثقافة في العالم. جعلت من "يوم صور" في قاعات مكتبة الكونغرس حدثا ثقافيا مميّزا يليق بملكة البحار وعظمة تراثها ودور لبنان الحبيب رائد العولمة السلمية منذ القدم.
تمتد المحترفات على مساحة 7500 م2، وتضم الزجاج المنفوخ على أنواعه، الفخار، الحلي، الطباعة على القماش، الرسم الفني، والمنتجات الغذائية الزراعية. في "محترفات صور" يتلازم التراث والسياحة في إطار طبيعي خلاب.
نشرت الدكتورة مها الخليل الشلبي عام 1984 اطروحتها التي اعدتها في السوربون وتمحورت حول "تحليل علاقات الشرق والغرب من خلال الرحالة الى صورمن القرن السادس عشر الى التاسع عشر"، وأصدرت عام 2008 كتاب "الفن الفينيقي: تعابير جديدة " الذي يدعو الى اكتشاف الحضارة الفينيقية من خلال إبداعها وفنونها.
في شباط 2016 ، سمّت المديرة العامة للأونيسكو السيدة إيرينا بوكوفا، الدكتورة مها الخليل الشلبي "سفيرة الأونيسكو للنوايا الحسنة" تقديرًا لإنجازاتها ولأهميّة عملها الدؤوب في سبيل حماية التراث والتزامها القضايا الإجتماعية والثقافية لتفعيل حوار الحضارات ضمن البحر المتوسط.
في 30 تشرين الثاني 2017 ، حصلت في لندن على جائزة تقدير "المرأة العربية للعام 2017" لمساهماتها الثقافية على الصعيد الوطني والدولي. هذا الحدث تنظمه "جامعة ريجنت في لندن" و "مؤسسة لندن العربية" تحت رعاية عمدة لندن.
في 29 حزيران 2018 ، نالت السيدة شلبي في بروكسل جائزة مؤسسة كرانس مونتانا 2018 ، تقديراً لالتزامها وأعمالها العديدة لصالح الثقافة والسلام ، لا سيما في سياق حوار الحضارات حول البحر الابيض المتوسط.
حصلت مها الخليل الشلبي على العديد من الأوسمة منها وسام الاستحقاق الوطني برتبة فارس من قبل رئيس الجمهورية الفرنسية ، وسام الفنون والآداب برتبة ضابط من قبل وزارة الثقافة الفرنسية والوسام الوطني برتبة ضابط من قبل رئيس الجمهورية اللبنانية.
شعارها: "إن الماضي هو ذاكرة الحاضر وعصب المستقبل".
وقد تمكنت د. مها بوضع صورعلى لائحة التراث العالمي في العام 1984، وأرفقتها بجبيل وبعلبك وعنجر، بعد أن حملت الدولة اللبنانية على المصادقة على اتفاقية التراث العالمي في عام 1983، وحصلت أيضاً على "حملة دوليّة أونيسكو من أجل صور"، على غرار حملتي البندقية وأبو سنبل.
عام 2009 اسست د. مها الخليل الشلبي "رابطة المدن الكنعانية، الفينيقية والبونية" في مقر الأونيسكو في باريس بهدف اقامة تعاون بين هذه المدن. هذه الرابطة تضم اليوم 45 مدينة.
في 10 أيلول 2017 إفتتحت مشروع قرية حرفية في ضواحي مدينة صور أسمته " محترفات صور" للتنمية المستدامة، وتأمين فرص عمل للنساء وذوي الإحتياجات الخاصة، وتحفيز الإبداع الفني والإنتاج الحرفي . قرية مستوحاة من العمارة الفينيقية، مع تجهيزات تراعي البيئة: جمع وتخزين ومعالجة مياه الأمطار، إعادة تدوير المياه المبتذلة ، تأمين نظام الطاقة الشمسية مع UPS، جميع مواد البناء المستعملة هي من منطقة صور ، من الحجر الطبيعي والطين والخشب.